استفسر عن تقنية الفيديو VAR
ورغم أن فكرة استخدام التكنولوجيا في التحكيم الرياضي كانت موضع نقاش لعقود، إلا أن تطوير وتنفيذ تقنية VAR هو نتاج جهد مشترك بين العديد من الأفراد والمؤسسات التكنولوجية والرياضية. هذا المقال سيتناول بشكل مفصل تاريخ ظهور تقنية VAR، المراحل التي مرت بها، والجهات التي ساهمت في تطويرها، إلى جانب تأثير هذه التقنية على كرة القدم.
تاريخ ظهور فكرة استخدام التكنولوجيا في كرة القدم
لفترة طويلة، كان التحكيم في كرة القدم يعتمد بشكل كامل على الحكم الرئيسي وحكام الخطوط. في بعض الأحيان، كانت القرارات الخاطئة تؤدي إلى جدل كبير بين الجماهير والإعلاميين وحتى اللاعبين والمدربين. ومن بين أشهر الحوادث التي أثارت النقاش حول ضرورة استخدام التكنولوجيا في كرة القدم، كان الهدف غير المحتسب للإنجليزي فرانك لامبارد في كأس العالم 2010 ضد ألمانيا. هذه الحادثة كانت نقطة تحول حيث أدرك الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) الحاجة إلى تبني التكنولوجيا لضمان العدالة في المباريات.قبل ظهور تقنية VAR، تم تقديم بعض الابتكارات التكنولوجية الأخرى مثل تقنية خط المرمى (Goal-Line Technology) والتي استخدمت لأول مرة في كأس العالم للأندية 2012. هذه التقنية تساعد في تحديد ما إذا كانت الكرة تجاوزت خط المرمى بشكل كامل أم لا، وهي تعتمد على حساسات متقدمة وكاميرات خاصة.
أولى خطوات تطوير تقنية VAR
بداية العمل الجاد على تطوير تقنية VAR جاءت في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. الاتحاد الهولندي لكرة القدم (KNVB) كان أول من تبنى فكرة استخدام الفيديو في مراجعة قرارات الحكام. في عام 2010، بدأت الاختبارات الأولية لتقنية VAR تحت إشراف الاتحاد الهولندي، وكانت هناك تجارب محدودة في بعض المباريات المحلية.الشخص الذي يقف خلف هذه الفكرة هو رجل الأعمال والمخترع الهولندي "فرانس دي بليكير". فرانس كان له دور كبير في تحويل الفكرة النظرية إلى تطبيق عملي على أرض الواقع. دي بليكير تعاون مع شركات تكنولوجية متخصصة لتطوير نظام متكامل يعتمد على عدة زوايا كاميرا وتقنيات بصرية متقدمة، مما يتيح للحكم رؤية إعادة فورية للحظات المثيرة للجدل في المباريات.
مراحل تطور تقنية VAR
بعد أن أظهرت التجارب الأولية نتائج إيجابية في هولندا، بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) في دراسة إمكانية تطبيق تقنية VAR على نطاق أوسع. في عام 2016، قرر مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB)، وهو الهيئة المسؤولة عن وضع قوانين اللعبة، السماح بإجراء تجارب لتقنية VAR في بعض الدوريات المحلية مثل الدوري الهولندي والإيطالي والألماني.التقنية تعتمد على وجود فريق من الحكام المساعدين في غرفة تحكم مزودة بشاشات عرض متعددة، حيث يقومون بمراجعة لقطات الفيديو في حال حدوث جدل حول قرارات معينة مثل حالات التسلل، ركلات الجزاء، الطرد، والأخطاء التي قد تؤدي إلى أهداف. يتم إخطار حكم الساحة بالنتيجة من خلال اتصال مباشر، وفي بعض الحالات يقوم الحكم بمراجعة اللقطات بنفسه على شاشة خاصة داخل الملعب.
في عام 2017، تم استخدام تقنية VAR لأول مرة في بطولة كبرى عندما تم اعتمادها في كأس القارات التي أقيمت في روسيا. هذه البطولة كانت بمثابة اختبار عملي للتقنية قبل اعتمادها الرسمي في كأس العالم 2018.
كأس العالم 2018 واعتماد تقنية VAR رسميًا
البطولة الأهم التي شهدت الاعتماد الرسمي لتقنية VAR كانت كأس العالم 2018 في روسيا. هذه البطولة كانت نقطة التحول الحقيقية في قبول التقنية على نطاق واسع. خلال البطولة، تم استخدام تقنية VAR في مراجعة العديد من الحالات المثيرة للجدل، وساهمت بشكل كبير في تحسين دقة القرارات التحكيمية. وفقًا للتقارير الرسمية، فإن VAR ساعد في تقليل الأخطاء التحكيمية بنحو 99.3%.استخدام VAR في كأس العالم 2018 أثبت فعاليته، لكنه لم يكن خاليًا من الجدل. بعض اللاعبين والمدربين والجماهير انتقدوا البطء في اتخاذ القرارات، وأشاروا إلى أن التقنية قد تؤدي إلى تعطيل إيقاع المباراة. ومع ذلك، اتفق غالبية المحللين على أن VAR حققت هدفها الأساسي في تحسين نزاهة المباريات وتقليل الأخطاء الجسيمة.
التأثير على كرة القدم العالمية
منذ اعتماد تقنية VAR رسميًا، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من معظم البطولات الكبرى مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، دوري أبطال أوروبا، والدوريات المحلية الكبرى حول العالم. التقنية ساهمت في تقليل الجدل حول بعض القرارات التحكيمية، لكن في الوقت نفسه، أثارت نقاشات حول مدى تأثير التكنولوجيا على روح اللعبة التقليدية.البعض يرى أن استخدام التكنولوجيا المفرط قد يقلل من "الطبيعية" في اللعبة ويزيد من التركيز على التحليل الدقيق لكل لحظة. في المقابل، يعتبر آخرون أن كرة القدم الحديثة تحتاج إلى التكيف مع التقدم التكنولوجي لضمان العدالة والشفافية.
التحديات والانتقادات
رغم النجاح الكبير الذي حققته تقنية VAR، فإنها لم تخلو من الانتقادات. هناك من يشير إلى أن التقنية قد تؤدي إلى تعطيل تدفق اللعب، خاصة إذا استغرقت عملية مراجعة الفيديو وقتًا طويلًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الحالات قد تظل خاضعة لتفسير الحكم حتى بعد مراجعة الفيديو، مما يعني أن الجدل قد يستمر.
كما أن مسألة التسلل الدقيق باستخدام VAR أثارت الكثير من الجدل، حيث يتم إلغاء بعض الأهداف بناءً على تسلل لا يتجاوز بضعة سنتيمترات، وهو ما يراه البعض تقييدًا مفرطًا للعبة.